قرفان حدّ الموت/ مجهول

لقد نشرت جريدتكم "البيرق" الغرّاء قصيدةً للشاعر الملهم الذي ناجى عليّاً "ع" بأجمل الشّعر، السيّد شربل بعيني، بعنوان "قرف". وكم أعجبتني هذه القصيدة حين عرّى الجميع من أوراق التوت التي يستترون بها، خاصّة اللوطيين المنبوذين إلى يوم الدين. وصدق الشاعر أحمد بن نعيم الذي قال:
قاضٍ يرى الجدّ في الزّناء ولا
يرى في مَنْ يَلوطُ من باسِ
وكان يطعن بتجرّد قاضي القضاة في عصر المأمون العبّاسي، الّذي انحرف عن السّراط المستقيم.
ولكي أثبت صحّة قولي، ها هو المأمون يردّد:
وكنّا نرجى أن نرى العدل ظاهراً
فأعقبَنا بعد الرّجاءِ قنوطُ
متى تصلح الدّنيا ويصلح أهلها
وقاضي قضاة المسلمينَ يَلوطُ
ومن هنا نعرف أن المأمون كان يعرف حقّ المعرفة سلوك يحيى بن أكثم!.
أخبرتكم بكل هذا لأصل إلى نتيجة واحدة، ألا وهي: صدق الشعراء ومعاناتهم حين يصوّرون واقع عصرهم، وما قول الشاعر شربل بعيني:
محمّد.. صفّى إسمو "ماكسْ"
تْفَرنَجْ.. تا يْزَوْبِن فيّاضْ
ونجيبِه.. بْيِبْسِطْهَا "راكسْ"
الكلب الْـ بِتْرَكّبْلُو حْفَاضْ!
إلاّ تعرية لنا من شوائب عديدة، بدأت تعلق بنا من جرّاء حريّة فهمناها "ساكس".. ارحمنا يا رب، ارحمنا يا ربّ.
محمّد، يبدّل اسمه في المهجر، يخجل منه، يمقته، لأنّه يحدّ من حرّيته المبتذلة. ونجيبة، تتعاطى الفجور مع كلب اشترته وسخّرته لملذّاتها المقيتة.
يا أبناء أمّتي، مسيحيين ومسلمين، أفيقوا قبل أن يطويكم الظلام، ويسرق عيالكم. إن شربل بعيني صاح بصوته الجهوري: لا، هذا خطأ، هذا عيب.. هذا يدعو إلى القرف، وأنتم سكارى، لا تفقهون شيئاً.
ولأعد إلى القاضي يحيى بن أكثم اللوطي، كما هو معروف، لأخبركم هذه الحكاية: " دخل عليه رجل من أهل خراسان، وكان ذكيّاً حافظاً، فناظره يحيى بن أكثم، فوجده عارفاً بفنون متعدّدة، فقال له يحيى: نظرت في الحديث؟
قال: نعم.
قال له: ما تحفظ من الأصول؟
قال: أحفظ عن شريك عن أبي اسحق عن الحارث: أن عليّاً رجم لوطيّاً!
فسكت يحيى. ولن نسكت نحن، ولنا عودة.

البيرق، العدد 679، 30 تمّوز 1993.
**